تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"تمكين": 731 شكوى من عاملات منازل توثق سوء معاملة في 3 أعوام

2023-أبريل-09
"تمكين": 731 شكوى من عاملات منازل توثق سوء معاملة في 3 أعوام

عمان - تعتمد كثير من الأسر الأردنية، على عاملات المنازل المهاجرات لرعاية أطفالها، والاهتمام في شؤون المنزل، ما دفع العديد منهم لاستقدام عاملات ليصل العدد حتى نهاية العام 2022 إلى 49437 عامل وعاملة في المنازل، منهم 49163 إناث و 274 ذكور، من الجنسية الفلبينية والسريلانكية والإثيوبية والغانية والأوغندية والكينية والإندونيسية والنيبالية.

الكثير من العاملات يتركن عائلاتهن في آسيا وإفريقيا، بعد أن يعدهن وكلاء التوظيف برواتب مرتفعة وظروف عمل جيدة، تتحقق هذه الوعود بالنسبة للبعض، لكن الواقع للعديد من عاملات المنازل صعب وتغيب عنه الحمايات الاجتماعية والحقوق العمالية، حيث إن كثيرًا منهن يجدن أنفسهن بعد وصولهن يعملن لدى أصحاب عمل يُجبرهن على العمل في ظروف صعبة، ويواجهن معاناة حقيقية مع أنّ الأردن وقّع ثمان مذكرات تفاهم مع دول مرسلة لعاملات المنازل هي: الفلبين وسيريلانكا وبنغلادش وإندونيسيا وإثيوبيا ونيبال وأوغندا وغانا، لتتضمن كل من هذه المذكرات الأسس المتعلقة باستقدام العمال من هذه الدول، ومنها توقيع عقد موحد يضمن حقوق العاملات وفقًا للتشريعات الأردنية، وتهدف هذه المذكرات لضبط العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل لحفظ جميع حقوق الأطراف، إضافة إلى توضيح أدوار كل من الحكومات ومكاتب الاستقدام في هذه العملية.

تتضمن هذه المذكرات عادة الالتزام بتحديد رواتب وظروف عمل مناسبة للعمالة المنزلية، وضمان حقوقهم المهنية والاجتماعية، والحد من الاستغلال والعنف والتمييز. وعادة ما تتضمن المذكرات أيضًا إجراءات لتسهيل عملية الاستقدام وتنظيم عملية التوظيف.

كما تشمل المذكرات ظروف العمل، وتكلفة جلب العامل من بلده وإرساله إلى البلد المستقبل عند اكتمال العقد، وينضوي تحته بند خاص للتغطية التأمينية للعامل وفقاً للقوانين والأنظمة السارية في البلد المستقبل، كما ينص على وجوب تحرير كافة العقود باللغتين العربية والانجليزية أو لغة يفهمها العامل، إلى جانب الأجور، وساعات العمل والراحة، والإجازات، وغيرها من الحقوق العمالية.

ورغم العقد الموحد تتعرض عاملات المنازل لانتهاكات عدة، حيث وردت إلى تمكين خلال الأعوام 2020 – 2022، 731 شكوى من عاملات منازل، وثقت سوء المعاملة والاستغلال الذي تعرضت له بعض عاملات المنازل، خلال التوظيف والعمل، إلى جانب تناول المذكرات الثنائية مع دول استقدام عاملات المنازل والعقد الموحد.

وتمثلت الانتهاكات وفقاً للشكاوى، بين حجز الحرية، وحجز جوازات السفر، وعدم دفع الأجور، وحرمانهن من الطعام، ومنعهن من التواصل مع أهاليهن، وتعرضهن للضرب والشتم وحرمانهن من الرعاية الصحية، إضافة إلى عدم تخصيص مكان للنوم، وطول ساعات العمل، وحرمانهن من الإجازات، ومطالبتهن في العمل بأكثر من مكان.

قالت معظم العاملات في شكواهن إن أصحاب العمل صادروا جوازات سفرهن، فيما قالت كثيرات إن أصحاب العمل لم يدفعوا لهن رواتبهن كاملة، وأرغمنهن على العمل لساعات طويلة دون فترات راحة أو عطلات، أو حرمنهن من الطعام والظروف المعيشية الملاءمة، فيما حرمت أخريات من التواصل مع عائلاتها، أو تلقي العلاج في حالة المرض.
وبالعودة إلى مذكرات التفاهم، تبين أن جميعها نص على توقيع عقد موحد، بالرغْم من ذلك تتعرض عاملات المنازل لانتهاكات عدة.

وفي هذا الجانب نُشير أن تقييم تحليلي متخصص أعدته تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وحلل بنود العقد الموحد الخاص بالعاملين في المنازل من غير الأردنيين، أهمية تطبيق ما جاء في العقد الموحد على أرض الواقع، مثل فتح حساب بنكي للعاملة، وتزويد العمال بنسخة من عقد العمل بلغة يفهمها، مشددًا على أهمية إصدار قرار لتطبيق المادة الرابعة في قانون الضمان الاجتماعي التي أجازت تطبيق التأمينات على العاملين في المنازل ومن في حكمهم بقرار من مجلس الوزراء حيث لم يصدر هذا القرار حتى اليوم، وطالب التقييم باعتماد عقد عمل موحد متوفر بجميع اللغات التي يفهمها العاملين في المنازل دون اقتصاره على اللغة العربية والانجليزية فقط، مع ضرورة احتفاظ مديرية العاملين في المنازل التابعة لوزارة العمل بالاحتفاظ بنسخة عن العقد الموحد الموقع عليه من قبل العاملة وصاحب العمل وتزويد المحاكم به عند الطلب، وإعطاء دورات خاصة للقضاة تتعلق بحقوق العاملين في المنازل المنصوص عليها بالاتفاقيات الدولية ومذكرات التفاهم وقانون العمل والنظام.

وجاء في التقييم أن المادة الثالثة من نظام العاملين في المنازل نصت على أن ينظم عقد العمل وفق انموذج تعتمده وزارة العمل، ويكون هذا العقد على أربع نسخ ومكتوبة بلغتين العربية ولغة يفهمها العامل، على أن يحتفظ كل من صاحب المنزل والعامل والوزارة والمكتب بنسخة منه، وفي هذا الجانب أشار التقييم أن العقد الموحد لا يتوفر بجميع لغات العاملين في المنازل، وإنما يقتصر على اللغة العربية والانجليزية فقط.

وقال التقييم إن قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته يُطبق على جميع العمال على الموجودين على أرض المملكة، ولم يميز المشرع بين العامل الأردني والعامل غير الأردني بالحقوق و الواجبات، وقد نظمت المادة (12) القانون الاجراءات التي يجب أن يتبعها صاحب العمل لدى استخدامه أو استقدامه لعامل غير أردني، كما نصت الفقرة ب من المادة الثالثة من القانون على أن تحدد الأحكام التي يخضع إليها عمال الزراعة والعاملون في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية على أن يتضمن هذا النظام تنظيم عقود عملهم وأوقات العمل والراحة والتفتيش وأي أمور أخرى تتعلق باستخدامهم، وعليه صدر نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم رقم 90 لسنه 2009 وتعديلاته.

وأوضح التقييم أن نظام العاملين في المنازل افتقر لأمور عدة أهمها، عدم وجود نص يطبق أحكام قانون العمل في حال لم يرد نص بالنظام على أي من الحقوق الواجب ورودها فيه، ولأن الأصل بالأمور الإباحة و أن المطلق يجري على اطلاقه، فإنه من المنطق أن تسري أحكام قانون العمل على أي نزاع لم يُحل بهذا النظام، مُوضحًا ذلك على سبيل المثال لا الحصر بعدم وجود نص يعالج الحماية الاجتماعية للعاملين في المنازل فيما يتعلق بخضوعهم لأحكام قانون الضمان الاجتماعي، وحول حق حصولهم على مكافأة نهاية الخدمة، وقيمة بدل ساعات العمل الإضافي و بدل الإجازات الأسبوعية والسنوية والعطل الدينية والرسمية التي لم تذكر في النظام.

نتيجة لذلك ووفقًا لتجربة "تمكين" من خلال متابعة العديد من القضايا العمالية المتعلقة بعاملات المنازل، تبين أن قرارات المحاكم كانت مختلفة في قضايا المطالبة بحقوق عاملات المنازل، فمثلا هنالك قرارات حكمت بقيمة بدل ساعات العمل الإضافي وفقاً لقانون العمل، و فيما يتعلق باستحقاق العاملة لمكافأة نهاية الخدمة تم تبرير عدم الاستحقاق بأن العاملات في المنازل لا يخضعن لقانون العمل، ما يعني وجود لبس بهذا الموضوع .

وفي سياق عقد العمل الموحد بين التقييم أن كل من مذكرات التفاهم الموقعة بين الأردن و إثيوبيا وغانا وأوغندا ونيبال نصت على التزام صاحب العمل بفتح حساب بنكي لعامل المنزل لديه وإعطاء نسخة من قسيمة الإيداع للعامل إلا أن هذا غير مطبق.

وأشار التقييم أنه لم تصدر تعليمات بموجب نظام العاملين في المنازل يعتمد العقد الموحد المعمول به من وزارة العمل – مديرية العاملين في المنازل .

وخلال عمل تمكين على التقييم تبين وجود 3 نسخ مختلفة من عقد العمل الموحد، وكل واحد منهم يختلف عن الآخر ببعض الحقوق التي يُوفرها، حيث حصل فريق تمكين على عقدين من موظفين مختلفين في وزارة العمل، كما تم الحصول على عقد ثالث من خلال عاملة منزل.

التقييم الذي شمل النُسخ الثلاثة للعقد الموحد جاء فيه أن اثنين من العقود الموحدة نصت على أن يلتزم جميع أطراف العقد بالتشريعات ذات العلاقة وعلى وجه الخصوص قانون العمل الأردني وما ورد استنادا له في نظام رقم 90 لسنة 2009، ونظام رقم 12 لسنة 2015 و تعليماتهما .

وفي هذا الجانب ورد في القييم أن وزارة العمل لا تحتفظ بنسخة عن عقد العمل وتكتفي عند طلب العقد من قبل المحاكم بإرسال صورة مستخرجة الكترونية عن شاشة تحتوي على أطراف العقد وتاريخ تصريح العمل وانتهاءه، وبعض من معلومات العامل مثل اسمه و رقم اثباته الشخصي و رقم جواز السفر .

وأشار التقييم أن هنالك بنودًا في عقد العمل لا تطبق من قبل وزارة العمل أو المحاكم مثل حث العاملين في المنازل على حق الحصول على بدل أجر يعادل 15 يوم عند انتهاء عقد العمل الذي مدته سنتين.

وأكد التقييم أنه في كثير من الحالات لا يتم تزويد العاملين في المنازل بنسخة عن عقد العمل ويقتصر وجوده مع صاحب العمل ومكتب الاستقدام.

وأشار التقييم إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين الأردن وغانا التي نصت على ضمان خضوع العاملين في المنازل لمؤسسة الضمان الاجتماعي، إلا أن هذا غير مطبق فعلياً بل تجه القضاء في الأردن لعدم استحقاق العاملين بالمنازل إلى مكافأة نهاية الخدمة، موضحًا أن قانون الضمان الاجتماعي في مادته الرابعة نص على أنه يجوز تطبيق التأمينات على العاملين في المنازل ومن في حكمهم بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس وتنظم جميع الأمور المتعلقة بشمولهم بهذه التأمينات بموجب الأنظمة الصادرة بمقتضى أحكام هـذا القانون ولم تصدر أي قرارات أو أنظمة حتى إصدار التقييم.

يجدر الإشارة أن الأردن أول بلد استخدم نموذج عقد العمل الموحد لعاملات المنازل في العام 2003، وفي العام 2008 ضمّ عاملات المنازل إلى قانون العمل، وفي العام 2009 أصدر نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم.